اليقظة العربية "القومية العربية"
*الظروف التى أدت إلى ظهور فكرة القومية العربية :
نشأة فكرة القومية العربية
* استولى الأوربيون على معظم الدول العربية ولم يتبقى تحت حكم الدولة العثمانية غير الشام والعراق .
* ولذلك دعا السلطان العثمانى "عبد الحميد الثانى "إلى إنشاء الجامعة الإسلامية لتوحيد شعوب الدولة (العرب ) الى جانب الدولة العثمانية فى مواجهة أوروبا.
* لم يستجب عرب الشام والعراق لهذه الدعوة لأنهم كانوا قد كرهوا الحكم العثمانى بسبب :
أ ) تعطيل الدستور . ب) تدخل الدول العثمانية فى شئون الولايات العربية.
* فى تلك الأثناء بدأ المثقفون العرب فى الشام يناقشون طبيعة الحكم العثمانى وانقسموا إلى فريقين :
أ ) الفريق الأول : ويمثله المسلمون وقد انقسموا إلى رأيين :
*الرأى الأول : ويطالب بالتمسك بالدولة العثمانية والالتفاف حولها لأنها وريثة الخلافة الإسلامية .
*الرأى الثانى : يعارض الدولة العثمانية على أساس أن الخلافة لاتكون إلا فى نسب قريش والعثمانيين بعيدون عن هذا النسب .
* وقد تبلور رأى هذا الفريق فى كتاب " أم القرى " للمؤلف عبد الرحمن الكواكبى الذى دعا إلى إنشاء خلافة عربية إسلامية مركزها مكة( طالب بوحدة كل المسلمين عرب واتراك وغيرهم من الأجناس بشرط أن تكون القيادة لخليفة عربي وليس تركي وعاصمة الخلافة تكون في مكة وليست الأستانة ).
ب) الفريق الثانى : ويمثله المسيحيين :
1. قرأ المسيحيون التاريخ العربى قراءة غير ذاتية فوجدوا أن الحضارة العربية حضارة زاهرة وأنها أثرت فى كثير من حضارات العالم وأن المسيحيين شاركوا فى بنائها .
2. ولذلك رأى هذا الفريق أنه لاداعى للإنفصال عن العرب المسلمين وتكوين دولة مسيحية بل الأفضل هو الاندماج مع المسلمين العرب تحت لواء العروبة ( أى تكوين دولة عربية تضم العرب فقط مسلمين ومسيحيين )
3. وقام المسيحيون بتعريب نظام الكنيسة والشعائر الدينية المسيحيةعام 1899
* وتبلور رأى هذا الفريق فى كتاب " يقظة الأمة العربية " لنجيب عازورى الذى دعا فيه إلى إنشاء دولة عربية تضم الشام والعراق ( استقلال الشام والعراق عن الدولة العثمانية ) وإقامة خلافة إسلامية عربية فى "الحجاز" فقط تكون رمز للمسلمين مثل" الفاتيكان "رمز المسيحيين .
*** طالب "الكواكبي" في كتاب "أم القرى" بخلافة إسلامية يحكمها العرب وليس الأتراك ومقرها مكة وليست الأستانة بينما كانت مطالب نجيب عاز وري " في كتاب " يقظة الأمة العربية " بدولة عربية في الشام والعراق منفصلة عن الدولة العثمانية ***
مراحل القومية العربية
1. المرحلة الأولى وتبدأ من الربع الأخير فى القرن التاسع عشر حتى عام 1908م
2. المرحلة الثانية وتبدأ من 1908م حتى 1914 م .
المرحلة الاولى
1. اقتصرت هذه المرحلة على إثارة الوعى القومى العربى أدبياً وثقافياً .
2. قاد هذه المرحلة المسيحيين العرب وهذا أمر طبيعى لأن الحركة القومية العربية هى القطب المعادل ( الموازن ) للحركة الإسلامية التى تخرج من بينها العناصر غير الإسلامية .
3. زادت البعثات التبشيرية الأوربية والأمريكية إلى بلاد الشام بسبب :
أ ) كثرة عدد المسيحيين .
ب) وجود الأراضى المقدسة المسيحية .
4. استخدمت البعثات التبشيرية اللغة العربية كأداة لها فى الوقت الذى حرم الأتراك هذه اللغة بل وطاردوها
5. زاد انتشار اللغة العربية فى بلاد الشام مع وجود الحكم المصرى1832– 1840م بسبب : زيادة البعثات التبشيرية بتشجيع من إبراهيم بن محمد على
6. استمرت البعثات تتدفق علي بلاد الشام بعد انتهاء الحكم المصري قد أنشأت الكثير من المدارس فى سوريا ولبنان مثل الكلية السورية البروتستانية 1866 ( الجامعة الأمريكية فى بيروت ) و مدرسة لإعداد المعلمين
7. ولقد انقسمت المرحلة الأولي إلى طورين :-
الطور الأدبى
1. واقتصرت على إحياء اللغة العربية وآدابها وثقافتها القديمة وقد ظهر ذلك واضحاً من تاريخ "البستانى" الذى حارب التعصب الدينى فى لبنان فأنشأ (نفير سورية) وجريدة (الجنان) وجعل شعارها الوطنية من الإيمان كما أنشأ المدرسة الوطنية وكان هدفها تخريج جيل وطنى يعتز بعروبته ومحاربة التعصب الدينى
2. فى هذه المرحلة أنشئت الجمعيات العلمية المختلفة مثل جمعية الأداب والعلوم فى بيروت 1847م التى اهتمت بالتراث العربى والجمعية العلمية السورية التى كانت تضم مسلمين ومسيحيين ودروز .
الطور السياسى
1.اقتصرت هذه المرحلة على جمعية "بيروت السرية" التى أنشاها خمسة من الشباب العرب الذين تخرجوا من الكلية السورية البروتستانية عام 1875
2. وقد قامت هذه الجماعة بأول عمل ثورى لها ضد الدولة العثمانية فأصدرت منشورات هاجمت فيه مساوئ الحكم العثمانى وطالبت بشكل خفى بحكم ذاتى فى سوريا ولبنان .
المرحلة الثانية ( 1908 – 1914 )
وتنقسم هذه المرحلة إلى دورين :
الدور الأول ( 1908 - 1911 م)
وهو دور الوفاق بين الحركة العربية والحركة القومية التركية :
1. كانت الحركة القومية التركية ( جماعة الاتحاد والترقى ) ضد السلطان عبد الحميد الثانى كما كانت الحركة العربية ضد السلطان عبد الحميد الثانى والدليل على ذلك كتاب ( طبائع الاستبداد ) للكواكبى الذى هاجم فيه استبداد السلطان ولذلك هرب الكواكبى من سوريا إلى مصر .
2. أقام العرب والأتراك صلاة شكر فى طرابلس بلبنان ابتهاجاً بإعلان الدستور عام 1908 م.
3. شارك العرب والأتراك فى عزل السلطان "عبد الحميد" فقد قاد الضابط العربى " محمود شوكت " الجيش العثمانى الذى دخل استانبول وعزل السلطان عام 1909 م
4. ظهور جمعية الإخاء العربى العثمانى فى القسطنطينية وكان هدفها :-
أ ) الاشتراك مع جماعة الاتحاد والترقى فى الدفاع عن الدستور .
ب) إدخال إصلاحات فى الولايات العربية .
ج) جمع الولايات العربية حول الدولة العثمانية .
* أسباب الوفاق بين الحركة القومية العربية والحركة القومية التركية
1. ضعف الطبقة المتوسطة العربية وتعذر استنادها على ذاتها .
2. الطبقة المتوسطة التركية لم تكن قد كسبت معركتها تماماً مع السلطان " عبد الحميد الثانى " .
الدور الثانى (1911 م - 1914 م)
* العداء بين الحركة العربية والحركة التركية(جماعة الاتحاد والترقى)
ترجع أسباب العداء بين الحركة القومية العربية والحركة القومية التركية إلى سياسة الاتحاديين (جماعة الاتحاد والترقى) التىحكمت تركيا بعد عزل السلطان عبد الحميد
1. اتبعت سياسة التتريك وهى تعنى تفوق الجنس التركى على الجنس العربى
2. تحولت سياسة التتريك إلى حركة طورانية عنيفة تدعو إلى طمس معالم القومية العربية
3. ضعف وفشل الدولة العثمانية فى الدفاع عن طرابلس (ليبيا) 1911م أمام الغزو الإيطالى .
*ولذلك بدأ العرب يشعرون بضرورة إبراز شخصيتهم الذاتية فظهرت فكرة اللامركزية كاول تعبير عن الاتجاة المستقل للحركة العربية.
* مميزات الحركة القومية العربية فى دور العداء ( 1911 – 1914)
أولاً : الاقتصار على العرب والتمييز بين الشعوب العربية والشعوب الإسلامية غير العربية :
1. كانت الفكرة العربية القومية تختلط فى البداية بالفكرة الإسلامية ( فأصبحت فكرة عربية إسلامية ) .
2. وضح ذلك فى كتابات الكواكبى الذى دعا إلى إنشاء خلافة إسلامية يحكمها العرب مركزها مكة وهذا يعنى تمييز العرب المسلمين على باقى الشعوب الإسلامية
ثم تدرج هذا التفكير الدينى الإسلامى إلى تفكير عربى قومى واضح تماماً فى مؤتمر الطلبة العرب فى باريس عام 1913 حيث أعلن " عبد الغنى العريسى " أن شروط علماء الألمان والإيطاليين فى تحديد مقومات الأمة ( وحدة اللغة – التاريخ – العنصر – العادات والتقاليد ) تنطبق تماماً على العرب ولذلك فمن حق العرب أن يكونوا أمة أو شعب ووطن .
ثانياً : اتخاذ الحركة القومية العربية شكل الجمعيات السرية والعلنية :
* اتخذت الحركة القومية شكل الجمعيات السرية بسبب :
1. ضعف الحركة العربية في مواجهة الدولة العثمانية .
2.الخوف من الاضطهاد والكبت السياسى .
الجمعيات السرية
* الجمعية القحطانية 1908 وهى ذات طابع عسكرى حيث ضمت ضباط عرب فى الجيش العثمانى .
1. كان هدفها تحويل الدولة العثمانية بجزأيها العربى والتركى إلى امبراطورية ثنائية ( تركية - عربية ) مثل امبراطورية
( النمسا والمجر فى أوربا) .
2. وهذا يعنى قيام دولة عربية لها حكومتها ولغتها وبرلمانها داخل الدولة العثمانية .
* جمعية العهد : وهى ذات طابع عسكرى
* الجمعية العربية الفتاة 1911 م
1. أسسها سبعة من الشباب العرب الذى كانوا يدرسون فى العاصمة الفرنسية بباريس وظلت فى فرنسا عامين وعاد معظم أعضائها إلى بيروت ولعبوا دوراً كبيراً فى الحرب العالمية الأولى .
2. كان لهذه الجمعية أهداف متطرفة حيث كانت تهدف إلى استقلال البلاد العربية من الحكم التركى والأجنبى
الجمعيات العلنية
* الجمعية اللامركزية 1912
1. تشكلت من عدة جمعيات وتكونت عام 1912 وكان لها مجلس مكون من 20 عضواً يخضع لهيئة تنفيذية من 6 أعضاء وكان لها فروع فى سوريا والعراق .
2. كان هدفها إقامة نظام لامركزى فى الولايات العربية .
3. اختارت القاهرة مركزاً لها بسبب :-
أ ) لتكون بعيدة عن قبضة السلطان العثمانى حيث كانت السلطة الفعلية فى مصر فى يد بريطانيا .
ب) كانت بريطانيا التى تحتل مصر علاقتها سيئة مع الدولة العثمانية وكانت تشجع مثل هذه الحركات شريطة ألا يمتد تركيزها للقضية المصرية .
المؤتمر العربى الأول فى باريس 1913
1. عقد المؤتمر فى باريس وحضره 14 عضواً نصفهم من المسلمين والنصف الآخر من المسيحيين وكان أغلبهم من الشام وقليل من العراق وعرب المهجر .
2. ناقش المؤتمر مطالب العرب وكانت تنحصر فى :
أ ) ان يكون التجنيد محلى . ب) أن يتولى العرب الوزارة والولاية .
ج) أن تكون اللغة العربية هى اللغة الرسمية فى الولايات العربية .
موقف الحكومة التركية من المؤتمر
( جماعة الاتحاد والترقى)
1. انزعج الأتراك من هذا المؤتمر وأرسلوا مندوباً إلى باريس دعا زعماء المؤتمر للذهاب إلى تركيا والتفاوض مع الحكومة التركية .
2. تعرض زعماء المؤتمر الذين ذهبوا إلى تركيا إلى إغراءات فحصل بعضهم على عضوية مجلس الشيوخ التركى وكان بالتعيين مثل ( عبد الحميد الزهراوى).
3. صدر مرسوم أغسطس عام 1913 خالياً من أى مطالب للعرب .
* نتائج المؤتمر
فشل المؤتمر وتأكد العرب أن الدولة العثمانية لاتنوى إجراء أى إصلاحات فى الولايات العربية وبدأ العرب يسعون إلى الاستقلال عن الحكم العثمانى فأعلنوا الثورة ضد الاتراك تلك الثورة التى أعلنها الشريف حسين عام 1916 وساعدة علي نجاحها قيام الحرب العالمية الاولي.